إيلاف من لندن: في مواجهة ضغوط سياسية متصاعدة وتحوّلات انتخابية مفصلية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الإثنين، تفاصيل خطته الجديدة للهجرة، متعهّدًا بخفض "كبير" في أعداد الوافدين، دون الالتزام بسقف رقمي.
وتأتي هذه التصريحات بعد أن كانت "إيلاف" السباقة أمس الأحد بنشر بنود الورقة البيضاء للهجرة قبل عرضها رسميًا، كاشفة أبرز ملامح التحوّل في سياسة حزب العمال حيال ملف الهجرة والإقامة.
وفي مؤتمر صحفي عقده اليوم في داونينغ ستريت، أعلن ستارمر أن خطة حكومته الجديدة للهجرة "ستؤدي إلى انخفاض كبير في أعداد الوافدين"، مؤكدًا أن العيش في المملكة المتحدة "امتياز يجب أن يُكتسب، لا حقًا مضمونًا".
ورغم تعهده بخفض أرقام الهجرة، رفض ستارمر تحديد سقف رقمي أو الالتزام بهدف سنوي، مشيرًا إلى أن التجارب السابقة أظهرت فشل محاولات فرض حدود قاطعة على أعداد المهاجرين.
وقال رئيس الوزراء: "لتكن الأمور واضحة، هذه الخطة تعني أن الهجرة ستنخفض. هذا وعد. وإذا احتجنا إلى المضي أبعد من ذلك، فسنفعل".
وأضاف: "لا أعتقد أن وضع حد رقمي صارم أمر معقول. رؤساء وزراء سابقون حاولوا فرض حدود أو حصص خلال السنوات العشر الماضية، ولم ينجح أي منهم".
وعن سبب إطلاق الخطة في هذا التوقيت، نفى ستارمر أن تكون الخطوة استجابة للضغوط السياسية أو الانتخابية، مؤكّدًا أنها جاءت بدافع "القناعة بأن الإصلاح ضروري".
تأتي هذه التصريحات بعد أسابيع من تقدم حزب "ريفرم يو كاي" في الانتخابات المحلية وصعوده في استطلاعات الرأي، ما وضع ملف الهجرة في قلب الجدل السياسي.
ويشمل التشريع الجديد المقترح فرض شرط إقامة لمدة عشر سنوات قبل التقدم للحصول على الجنسية البريطانية، إلى جانب تشديد متطلبات اللغة الإنجليزية، ورفع معايير الأهلية لتأشيرات العمل.
وتؤكد الحكومة أن الهدف من هذه الإجراءات هو "تعزيز الاندماج، والتصدي للاستغلال، وحماية سوق العمل".
تفاصيل الورقة البيضاء
وكانت "إيلاف" قد نشرت يوم الأحد 11 أيار (مايو) تقريرًا موسّعًا تناول تفاصيل الورقة البيضاء للهجرة قبل عرضها رسميًا، نقلاً عن نسخة حصلت عليها من مصدر حكومي. وقد تضمن التقرير البنود الأساسية التي أعلن عنها اليوم، بما في ذلك شرط السنوات العشر للإقامة، وتوسيع صلاحيات الترحيل، وتشديد متطلبات اللغة لجميع المسارات، بما فيها لمّ الشمل.
"نظام انتقائي"
وتؤكد الورقة أن النظام الجديد سيُغلق ما وصفته بـ"المسارات الخلفية للتسوية"، وسيُفرض تدقيق أشد في تأشيرات الطلاب ولمّ الشمل العائلي، مع منح الأولوية للوظائف الحيوية مثل المهن الطبية والتقنية المتقدمة.
وقال ستارمر إن حكومته "لن تقبل باستمرار المسارات التي لا تخدم المصلحة العامة"، مشددًا على ضرورة "ربط الإقامة بالمساهمة الفعلية في المجتمع والاقتصاد".
لا سقف رقمي... لكن التوجه واضح
وبينما شدد رئيس الوزراء على أن الخطة ستؤدي إلى خفض صافي الهجرة، رفض الالتزام بأرقام محددة، قائلاً: "لن نعيد تكرار تجارب فشلت. سنضع نظامًا عمليًا وفعّالًا، دون شعارات سياسية أو أهداف شكلية".
التعليقات