إيلاف من لندن: في عمل سينمائي يُجسّد البيئة الصحراوية السعودية بعمق إنساني وجمالي، يأتي فيلم (هوبال) ليحكي قصة الجد المتزمت "ليام" (إبراهيم الحساوي) وعائلته، الذين يعيشون في عزلة تامة عن المدينة في نمط حياة بدائي صارم، فرضه عليهم الجد بناءً على معتقداته بقرب قيام الساعة.
صراع بين الطاعة والنجاة
منعزلون في الصحراء، لا يُسمح لأي فرد من الأسرة بالاقتراب من المدينة، ومن يفكر في ذلك يُقابل بالنبذ من الجد المتسلط.
غير أن المرض يصيب الحفيدة الصغيرة بـ"الحصبة المعدية"، ما يدفع الأم "سارة" (ميلا الزهراني) إلى تحدي أوامر والد زوجها، ومحاولة الذهاب للمدينة طلبًا للعلاج.
الفيلم ينقل المُشاهد إلى عالم الصحراء بكل صدق وجمال، من خلال ديكورات غنية، وأزياء مصممة بعناية تعكس طبيعة الحياة القاسية والمنغلقة.
هذا الجانب البصري كان جزءًا أساسيًا من خلق واقعية مدهشة.
أداءات تمثيلية متماسكة
تمثيل الأطفال جاء بارزًا وعفويًا، يُجسّد فضول الطفولة واستقلالية التفكير، بعيدًا عن ترديد ما يقوله الكبار.
المخرج (عبد العزيز الشلاحي) أبدع في تصوير حتى خيالات الأطفال، خاصة في مشهد حلم "عساف" (حمد فرحان)، الذي يُعد من أروع لحظات الفيلم.
أداء إبراهيم الحساوي كان ثابتًا، متزنًا، ومشبعًا بالغموض، ما أضفى عمقًا وثقلًا للفيلم.
أما ميلا الزهراني، فقدّمت أداءً تلقائيًا ومركّزًا، أدخلت المُشاهد إلى أجواء الفيلم دون مبالغة أو ضعف. كل انفعال أتى في مكانه، مما يُظهر موهبة ناضجة بمستقبل واعد.
نقطة ضعف: الإيقاع البطيء
رغم كل الإيجابيات، يُلاحظ أن إيقاع الفيلم بطيء أحيانًا، مع لحظات صمت طويلة قد تشعر المشاهد ببعض الملل أحيانا.
والمسافات الزمنية بين الأحداث كبيرة، مما يخلق شعورًا بوجود "حلقة مفقودة" في الحبكة، فالفيلم يوحي ببناء تصاعدي نحو حدث كبير... لكنه لا يحدث، وتنتهي القصة بشكل مفاجئ.
علينا تذكّر أن السينما السعودية لا تزال في طور التكوّن، لكن خطواتها سريعة ومبشرة.
وربما من الأفضل في هذه المرحلة الابتعاد عن الرمزية الزائدة، والغموض، والنهايات المفتوحة، لأن الجمهور مازال لم يكون فكرة كاملة عن الفيلم السعودي.
الخلاصة
"هوبال" فيلم ممتع، صادق، بصريًا وجوهريًا، يستحق المشاهدة.
رغم بعض البطء، إلا أنه يحمل وعدًا سينمائيًا بمستقبل ناضج وقادم بقوة من صحراء المملكة.
التعليقات