إيلاف من لندن: شهد البرلمان البريطاني فعالية دولية جمعت قيادات نسائية من مختلف أنحاء العالم، أطلقن خلالها مبادرة بعنوان "بوابة نحو مستقبل مستدام"، ارتكزت على شهادات ورؤى تُعيد تعريف الإبداع بوصفه أداة للنجاة وتعزيز استدامة الكوكب.
وشهدت قاعات البرلمان الأسبوع الماضي فعاليات منتدى "بوابة نحو مستقبل مستدام"، من تنظيم "منتدى النساء المبدعات"، وسط حضور نوعي جمع شخصيات قيادية نسائية وصانعات قرار ومبدعات ومؤثرات من مختلف أنحاء العالم.
وفي كلمة رئيسية، أكدت الأميرة نورة بنت سعود بن نايف آل سعود أهمية بناء منظومات مرنة قائمة على الثقافة والابتكار والتفكير المنهجي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
الأميرة نورة، التي أسّست مبادرتي "المشتل" و"ركن للتبادل الإبداعي"، نالت جائزة "الإنجاز المتميز" تقديراً لدورها في دعم المبادرات الإبداعية ذات الطابع المستدام.
- إقرأ أيضاً
الأميرة نورة: على السعوديات أن يروين قصصهن بفخر... لسنا مضطرات للتكيّف مع توقعات الآخرين
الحدث، الذي حمل طابعًا عالميًا بروح نسوية وابتكارية، دعا المشاركين إلى إعادة تصور المستقبل من خلال ثلاث ركائز: الإبداع، الاستدامة، والابتكار الموجّه بالمعنى.
الافتتاح حمل طابعًا رسميًا وكلمات محمّلة بالرسائل. بدأت النائبة البريطانية روبا هوك الكلمة الترحيبية بالإشارة إلى أهمية البرلمان كمكان لحوار التغيير، خصوصًا حين تقوده نساء يُعدن صياغة الخطاب العالمي من زاوية جديدة.
أولغا بالاكلِيتس، المؤسسة والرئيسة التنفيذية للمنصة، أعادت التأكيد على هدف المنتدى قائلة: "نريد لكل من حضر هذا المنتدى أن يخرج بأفكار تُمكنه من مواجهة تحدياته الخاصة، أو تُقدّم له حلولًا تجارية، أو – والأهم – تساهم في إحداث أثر ملموس في المجتمع. نحن، كقيادات نسائية، يجب أن نكون في طليعة هذا التغيير!" كلماتها جاءت بعد استعراض لمحطات المنصة حول العالم، من دافوس وميلانو وكان إلى الرياض.
إسلي أوليفا ساليناس، رئيسة مجلس إدارة المنصة ومستثمرة مؤثرة في قضايا الاستدامة، دعت المشاركين إلى "التحليق مع النسور"، مشددة على أهمية وضع الطبيعة في صلب النماذج الاقتصادية، والاستثمار في اقتصادات محلية حيوية تعتمد على الحلول البيئية.
ڤيولا إدوارد، المديرة التنفيذية المشاركة، تحدثت عن مفهوم "الأخوّة النسائية" كقوة تغييرية، داعية الحاضرات إلى احتضان التعاون، والمرونة، والإبداع كدعائم لقيادة مستدامة. أما ريبيكا ريوفريو، رئيسة الجمعية البرلمانية البريطانية للفنون والموضة والرياضة وسفيرة المنتدى في السعودية، فقدّمت مداخلة بعنوان "النساء والاستدامة"، أكدت فيها أن كل خيار واعٍ هو "فعل رعاية" وقالت: "دعونا نتقدّم معًا، نرفع بعضنا البعض، ونُجسّد المعنى الحقيقي للعيش بالإبداع والغاية".
عضو البرلمان جون ويتينغدايل، الذي سبق أن شغل منصب وزير الثقافة، أشار إلى أن الإبداع حين يُغذّى بالتعاون والضمير يتحوّل إلى حجر أساس للتغيير المستدام، منوّهًا بدور المنصة في دعم النساء داخل الصناعات الإبداعية.
وشارك في المنتدى خبراء ومبدعون عالميون من مجالات متنوعة. من أبرزهم آن دنكن، أستاذة بمعهد جورجيا للتكنولوجيا، التي تناولت أدوات التحول المستدام من زاوية التكنولوجيا والسياسة والبنية التحتية.
مارين تانغي، مؤسسة وكالة MTArt، تحدثت عن الثقافة البصرية كمسؤولية مجتمعية وأداة لتشكيل وعي بيئي فاعل.
نانديتا سهجال، بخبرة تتجاوز 25 عامًا في التمويل، ركّزت على دور رأس المال المناخي في تحقيق تحولات حقيقية في مجال الطاقة المتجددة، قائلة: "الاقتصاد والبيئة طرفا المعادلة ذاتها".
ليز بيركنز، محررة الأخبار في صحيفة "ذا صنداي تلغراف"، عرضت دور الإعلام في فضح التمييز الهيكلي، مؤكدة أن الصحافة يمكن أن تكون قوة دافعة نحو إصلاح السياسات.
جاكلين بورك، المديرة الإبداعية في Getty Images، تحدثت عن أهمية الصور الأصيلة في التأثير على الرأي العام وربط الناس بقضايا البيئة.
أليزيا هيلمينغ، مؤسسة EarthStudios، قدّمت تجربتها في إنتاج محتوى خالٍ من البصمة الكربونية.
بدورها، تحدثت فرح شماس، المديرة التنفيذية لمنتجع سانت رافائيل، عن نماذج الضيافة الفاخرة المستدامة ومساهمتها كناشطة في مجال العافية النباتية.
وشددت ماري نويل كيجزر، الرئيسة التنفيذية لمنظمة WeForest، على استحالة إصلاح المناخ دون استعادة الغابات، وقالت: "لا يمكننا استعادة الغابات دون استعادة كرامة المجتمعات التي تحميها"، في إشارة إلى مبادرتها التي أشرفت على زراعة أكثر من 109 ملايين شجرة واستصلاح 86 ألف هكتار من الأراضي.
أما تيسا كلارك، المؤسسة المشاركة لتطبيق OLIO، فألهمت الحضور بمبادرتها لمواجهة هدر الطعام عبر شبكات تشاركية بين الجيران، أثبتت أن التغيير قد يبدأ من حوار بسيط بين منزلين.
في حين أكدت جيل دوكا، مؤسسة Global Academy Coaching، على أن التطوير الذاتي هو حجر الأساس في تمكين المرأة من بناء أعمال ذات أثر وغاية.
وتحدثت لورا تيم، مستشارة المنصة ورئيسة اتحاد الأعمال الصغيرة في لندن الكبرى، عن أهمية دمج الربح مع الكوكب، والتقدّم مع الناس، قائلة: "النمو الهادف لم يعد ترفًا – إنه ضرورة". بينما قدّمت بيرنيلا كوريزا تصورًا جديدًا للقيادة المستندة إلى الأمان النفسي والديناميكيات الشمولية.
أما ماكسيم جاغو، صانع أفلام مستقبلي ومؤسس مؤتمر الإبداع، فقد دعا إلى تبني الابتكار الأخلاقي، انطلاقًا من تجربته كمتحدث في الأمم المتحدة ومستشار لشركات مثل Adobe وMicrosoft.
ومع اختتام اليوم الأول، بقيت في الأذهان فكرة واحدة: التقدّم المستدام لا تحدّه الجغرافيا ولا التخصص، بل يتعزز حين تجتمع الأصوات المختلفة في انسجام شجاع، لصياغة عالم أكثر رحمة واتصالًا.
* تنشر إيلاف التقرير بالاتفاق مع "Parliamentary Society": المصدر
التعليقات