بعد زيارة الرئيس الأميريكي دونالد ترامب للسعودية والمنطقة، أصبح جليًّا أن المملكة العربية السعودية هي التي ستتولى قيادة منطقة الشرق الأوسط من الآن فصاعدًا.

وقد تجلَّى ذلك من خلال دعوة الرئيس السوري للقاء ترامب في الرياض، مما يؤشر لدورٍ متنامٍ للسعودية في الملفات الإقليمية.

يُعتبر هذا التطور إيجابيًّا لليبيا، حيث يُتوقع أن تولي السعودية اهتمامًا أكبر بالملف الليبي، خاصةً أنها مارست دورًا متوازنًا منذ سقوط نظام القذافي يجعلها مقبولة من كل الفرقاء الليبيين.

كما تُعزِّز السعودية علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، التي تُسيطر على وجود عسكري في شرق ليبيا، مما قد يُسهِّل تحقيق توافق دولي حول الحل الليبي.

وليبيا - كبلد نفطي - تُمثِّل أهميةً ليس فقط لثروتها النفطية، بل أيضًا لكون النفط الليبي مفتاحًا للاستقرار أو الصراع في المنطقة.

هنا يبرز سؤالٌ: هل ستُدعو السعودية الفرقاء الليبين المتنازعين إلى اجتماع في مكة المكرمة، على غرار "اتفاق الطائف" الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية؟

قد تكون الرمزية الروحية للحرم المكي حافزًا لنجاح المفاوضات، خاصةً أنَّ المجتمع الليبي مُتجانس دينيًّا على عكس التعدد الطائفي اللبناني، ما يُقلِّل تعقيدات الحل.

إضافةً إلى ذلك، تمتلك ليبيا وفرةً ماليةً من عوائد النفط - المصدر الرئيسي للدخل - والتي يمكن للسعودية، بشراكاتها الدولية وخبراتها النفطية، أن تُسهم في تحويلها من أداة صراع إلى محرِّك للتنمية وإعادة الإعمار خاصة في ظل عدد محدود من السكان.

غير أنَّ تحقيق هذا الحل مرهونٌ بعوامل عدة: إرادة الليبيين أنفسهم في إنهاء الأزمة، وتوجُّههم نحو القيادة السعودية طلبًا لدعمٍ دولي يُشارك فيه أطراف إقليمية (كمصر وتركيا) ودولية (كالولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي).

فهل تستطيع القيادة السعودية (الشابة) هذه المرة أن تُكرِّر نجاحها التاريخي في إنهاء أزمة لوكربي، التي عانى منها الليبيون لعقود، وأن تُكتب لها صفحةٌ جديدةٌ في تحقيق السلام والأمان في ليبيا؟