نجحت بي بي سي سكوتلاند نيوز في حل لغز رسالة في قارورة زجاجية ألقيت في بحر الشمال، عُثر عليها على جزيرة سويدية، بعد 47 عاماً.

عثرت الصديقتان إلينور روزن إريكسون وآسا نيلسون على الزجاجة في وقت سابق من هذا العام، وبداخلها رسالة رطبة باهتة صعبة القراءة.

ومع ذلك، فقد استطاعت الصديقتان تمييز اسم أديسون رانسي، وتاريخ الرسالة الذي يعود إلى عام 1978، وعنوان في كولين بمقاطعة بانفشاير الاسكتنلندية، ليتضح أن الرسالة تشير إلى الصياد جيمس أديسون رانسي، الذي كان على متن سفينة الصيد (لورالي).

هذه الرسالة كتبها زميل رانسي في الطاقم آنذاك، جافين جيديس، الذي اندهش عندما علم بالعثور عليها بعد 47 عاماً من إلقائها في البحر.

وقد أعربت الصديقتان اللتان عثرتا على الزجاجة في السويد عن أن حل لغز مصدر الرسالة أمر "مدهش"، ووصفت شقيقة الصياد (جيم) القصة وراءها بأنها "مذهلة".

كانت إلينور ذات الـ32 عاماً، وآسا ذات الـ55 عاماً قد عثرتا على الزجاجة على الساحل الغربي للسويد في فبراير/شباط الماضي.

قالت إلينور: "كنتُ أستكشف جزر فاديروارنا مع صديقتي العزيزة آسا؛ فكلتانا تعشق البحث عن الكنوز الشاطئية".

وأضافت إلينور أنه "في ذلك اليوم، استقللنا القارب إلى تورسو، الجزيرة الأقصى في الشمال بالأرخبيل. فرأت آسا شيئاً غريباً بين شجيرات الجزيرة. إنها قارورة زجاجية سميكة بارزة من الأرض".

آسا نيلسون، تمسك بالرسالة الباهتة التي كانت داخل القارورة الزجاجية التي عثرت عليها على الشاطئ
Ellinor Rosen Eriksson
عثرت آسا نيلسون، في الصورة، وصديقتها إيلينور روزن إريكسون على الرسالة في قارورة زجاجية
صورة مقربة للرسالة التي عثر عليها داخل القارورة الزجاجية وعليها كلمات ممسوحة وأخرى باهتة
Ellinor Rosen Eriksson
تلاشت معظم حروف الرسالة بفعل الزمن

في داخل القارورة، كانت هناك رسالة رطبة تكاد تكون غير مقروءة. وضعتاها في الشمس لتجف، وتمكنتا في النهاية من قراءة بعض النصوص فيها. ظهر التاريخ كاملاً: "14.9.78".

كما تمكنتا أيضاً من قراءة الاسم والعنوان "أديسون رانسي، سيتاون، كولين، بانفشاير، اسكتلندا".

قالت إلينور إنها "اندهشت تماماً" من العثور على "رسالة حقيقية في زجاجة"، آملة في اكتشاف القصة وراءها.

تحدثتا عنها على وسائل التواصل الاجتماعي على أمل معرفة المزيد.

وبالفحص الدقيق، أمكن قراءة الحرفين "es" قبل اسم "أديسون رانسي"، بالإضافة إلى الرقم 115 قبل العنوان.

التقطت بي بي سي سكوتلاند نيوز طرف القصة، وتأكدت من أن جيمس أديسون رانسي كان رجلاً يسكن في ذلك العنوان في سيتاون بكولين في ذلك الوقت؛ فالحرفان "es" هما نهاية اسم "جيمس". ومن هنا بدأت رحلة البحث بشكل أعمق.

باب أزرق اللون وبجواره لوحة صغيرة كُتب عليها "115" وهو العنوان المنصوص عليه في الرسالة
BBC
كان العنوان في الرسالة هو 115 سيتاون في كولن

في هذا المنزل، تسكن اليوم سيدة تُدعى جين ووربي، تبلغ من العمر 78 عاماً.

علقت ووربي على قصة الرسالة حين رُويت لها بأنه من "اللطيف أن يمتلك المرء جزءاً ولو بسيطاً من التاريخ"، مضيفة أن الرسالة "حقاً تُداعب الخيال، حتى أنني أكاد أرغب في القيام بالأمر ذاته بنفسي".

أما جيم رانسي الذي كان يقطن في هذا المنزل، والذي نصت عليه الرسالة، فقد توفي عن 67 عاماً في عام 1995، وكان معروفاُ بين جيرانه باسم (بيم).

صورة لجافين جيديس، أحد أفراد طاقم لورالي السابق
BBC
قال جافين جيديس، أحد أفراد طاقم لورالي السابق، إنه يتذكر كتابة الرسالة

اتخذت القصة منعطفاً غير متوقع، عندما تحدثت بي بي سي إلى جافين جيديس، أحد زملاء جيم السابقين الذي كان ضمن طاقم سفينة (لورالي) المسجلة في بلدة باكي بإسكتلندا، والتي أبحرت من مدينة بيترهيد.

قال جافين، البالغ من العمر 69 عاماً: "بمجرد أن رأيت الرسالة، أيقنتُ أنها بخط يدي بكل تأكيد".

وأوضح جافين، الذي يعيش على بُعد أميال قليلة من كولين في راثفن، أنه يتذكر كتابتها، حتى أنه قارن الكتابة بخط يده كي يثبت ذلك.

أخبرنا جافين بأنهم قاموا بإلقاء "زجاجتين" في البحر، وجعلوا إحداهما باسم جيم رانسي، "والآن هذه هي الرسالة الوحيدة التي عُثر عليها منذ 47 عاماً".

وأضاف "الآن على الأقل تلقينا رداً".

صورة لسفينة الصيد لوري التي ألقيت منها الرسالة في البحر
Alex Smith
الرسالة أُلقيت من القارب لورالي

المفاجأة أن ساندرا تايلور، شقيقة رانسي، لا تزال على قيد الحياة، حيث تبلغ اليوم من العمر 83 عاماً.

كانت تايلور في زيارة لكولين، موطنها الأصلي، وقد أصابها الذهول عندما سمعت قصة هذا الاكتشاف في السويد، قائلة: "إنه حقاً لأمر مذهل!".

ساندرا تايلور، شقيقة جيم رانسي
BBC
ساندرا تايلور، شقيقة جيم رانسي

أعربت تايلور عن دهشتها لبي بي سي قائلة: "أن تظل الرسالة في البحر لأربعين عاماً ونيف، ثم تُلقى فجأةً على الشاطئ، هذا أمرٌ لا يُصدق!"

لم يُساورها الشك في أن الاسم والعنوان يُشيران إلى أنه شقيقها، مضيفة "كانت عائلتي بأكملها تعمل في صيد الأسماك، ولم يكن لجيم مكان سوى البحر. لقد كان صياداً طوال حياته".

وعندما سُئلت عن تصورها عما كان سيفعله شقيقها الأكبر حين يعلم بأمر الرسالة، أجابت: "كان سيضحك بجنون، وسيجد صعوبة في تصديق ذلك. كان سيسكب كأساً من الشراب ويقول: "في صحتك!".

في السويد، وصفت إلينور وآسا اكتشاف مصدر الرسالة بأنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة لهما، حيث قالت إلينور: "إنها قصة رائعة وممتعة".

وأضافت أن "العثور على رسالة في زجاجة من إنسان بعيد، في يوم بارد من شهر فبراير/شباط، في جزيرة نائية مع صديقتك المقربة، أمرٌ ساحر حقاً".

جيم رانسي مع أفراد عائلته قبل وقت قصير من وفاته في عام 1995
Glenda Douglas
جيم رانسي مع أفراد عائلته قبل وقت قصير من وفاته في عام 1995

أوضحت إلينور أنها وصديقتها لو كانتا على علم بما ستؤول إليه قصة الرسالة في نهاية المطاف، لحاولتا إنقاذ الزجاجة نفسها أيضاً.

وقالت: "أنا شخصياً أنحدر من عائلة صيد، وأعشق البحر، وأقضي وقتاً في الجزر وأبحث عن الكنوز".

وأضافت: "في منطقتي، نُطلق على هذا النشاط اسم "vraga"، أي الخروج للبحث عن شيء مفقود أو مخفي، واكتشاف القصة وراءه. وهذا بالضبط ما فعلناه هنا، بمساعدتكم الرائعة".

وختمت حديثها قائلة: "أنا وآسا نتوق بشدة للقدوم إلى كولين يوماً ما، للحديث عن القارورة الزجاجية وقصتها، واكتشاف ساحلكم الجميل وأناسه".